کد مطلب:240876 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:226

انجاز الوعد
لذكر حدیث الرضا علیه السلام المشتمل علی خصائص الإمامة و الإمام علیه السلام:قال الشیخ الكلینی رحمه الله تعالی: (باب نادر جامع فی فضل الإمام و صفاته(1- أبومحمد القاسم بن العلاء رحمه الله رفعه عن عبدالعزیز بن مسلم

أقول، و أما الشیخ الصدوق طاب ثراه فقد قال:

«باب ما جاء عن الرضا - علیه السلام - فی وصف الإمامة و الإمام و ذكر فضل الإمام و رتبته».

1- حدثنا أبوالعباس محمد بن إبراهیم بن إسحاق الطالقانی رضی الله عنه قال حدثنا أبوأحمد القاسم بن علی الهارونی قال حدثنی أبوحام عمران بن موسی بن إبراهیم عن الحسن بن القاسم الرقام قال حدثنی القاسم بن مسلم عن أخیه عبد العزیز بن مسلم قال: كنا فی أیام علی بن موسی الرضا - علیه السلام - [1] قال:

كنا مع الرضا علیه السلام بمرو فاجتمعنا فی الجامع [2] یوم الجمعة فی بدء مقدمنا فأداروا [3] أمر الإمامة و ذكروا كثرة اختلاف الناس فیها فدخلت علی سیدی علیه السلام فأعلمته خوض الناس فیه فتبسم علیه السلام ثم قال:

یا عبدالعزیز جهل القوم و خدعوا عن آرائهم، إن الله عزوجل لم یقبض نبیه



[ صفحه 41]



صلی الله علیه و آله حتی أكمل له الدین و أنزل علیه القرآن فیه تبیان كل شی ء، بین فیه الحلال و الحرام و الحدود و الأحكام، و جمیع ما یحتاج إلیه الناس كملا فقال عزوجل: «ما فرطنا فی الكتاب من شی ء» [4] و أنزل فی حجةالوداع و هی آخر عمره صلی الله علیه و آله: «الیوم أكملت لكم دینكم و أتممت علیكم نعمتی و رضیت لكم الإسلام دینا»، [5] و أمر الإمامة من تمام الدین، و لم یمض صلی الله علیه و آله حتی بین لأمته معالم دینهم، و أوضح لهم سبیلهم و تركهم علی قصد سبیل الحق، و أقام لهم علیا علیه السلام علما و إماما و ما ترك [لهم] شیئا تحتاج إلیه الأمة إلا بینه، فمن زعم أن الله عزوجل لم یكمل دینه فقد رد كتاب الله، و من رد كتاب الله فهو كافر به. [6] .

هل یعرفون قدر الإمامة و محلها من الأمة فیجوز فیها الختیارهم؟ إن الإمامة أجل قدرا و أعظم شأنا و أعلی مكانا و أمنع جانبا و أبعد غورا من أن یبلغها الناس بعقولهم، أوینالوها بآرائهم، أو یقیموا إماما باختیارهم؛ إن الإمامة خص الله عزوجل بها إبراهیم الخلیل علیه السلام بعد النبوة و الخلة مرتبة ثالثة، و فضیلة شرفه بها و أشاد بها ذكره [7] فقال: «إنی جاعلك للناس إماما»، [8] فقال الخلیل علیه السلام سرورا بها: «و من ذریتی» قال الله تبارك و تعالی: «لا ینال عهدی الظالمین»، [9] فأبطلت هذه الآیة إمامة كل ظالم إلی یوم القیامة، و صارت فی الصفوة، ثم أكرمه الله تعالی بأن جعلها فی ذریته أهل الصفوة و الطهارة فقال: «و وهبناله اسحق و یعقوب نافلة و كلا جعلنا صالحین - و جعلناهم أئمة یهدون بأمرنا و أوحینا إلیهم فعل الخیرات و إقام الصلوة و إیتاء الزكوة و كانوا لنا عبدین» [10] فلم تزل فی ذریته یرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتی ورثها الله تعالی النبی صلی الله علیه و آله فقال جل و تعالی: «إن أولی الناس بإبراهیم للذین اتبعوه و هذا النبی و الذین ءامنوا و الله ولی المؤمنین»، [11] فكانت له خاصة فقلدها صلی الله علیه و آله علیا علیه السلام بأمر الله تعالی علی رسم ما فرض الله فصارت فی ذریته الأصفیاء الذین آتاهم الله العلم و الإیمان بقول تعالی: «و قال الذین أوتوا العلم



[ صفحه 42]



و الإیمان لقد لبثتم فی كتاب الله إلی یوم البعث»، [12] فهی فی ولد علی علیه السلام خاصة إلی یوم القیامة؛ إذلا نبی بعد محمد صلی الله علیه و آله فمن أین یختار هؤلاء الجهال، إن الإمامة هی منزلة الأنبیاء و إرث الأوصیاء، إن الإمامة خلافة الله و خلافة الرسول صلی الله علیه و آله و مقام أمیرالمؤمنین علیه السلام و میراث الحسن و الحسین علیهماالسلام، إن الإمامة زمام الدین، و نظام المسلمین و صلاح الدنیا و عز المؤمنین، إن الإمامة أس الإسلام النامی و فرعه السامی، بالإمام تمام الصلاة و الزكاة و الصیام و الحج و الجهاد، و توفیر الفی ء و الصدقات، و إمضاء الحدود و الأحكام، و منع الثغور و الأطراف،

الإمام یحل حلال الله و یحرم حرام الله، و یقیم حدود الله، و یذب عن دین الله، و یدعوا إلی سبیل ربه بالحكمة و الموعظة الحسنة، و الحجة البالغة، الإمام كالشمس الطالعة المجللة بنورها للعالم و هی فی الأفق بحیث لاتنالها الأیدی و الأبصار، الإمام البدر المنیر، و السراج الزهرا، و النور الساطع، و النجم الهادی فی غیاهب الدجی، و أجواز البلدان و القفار، و لجج البحار.

الإمام الماء العذب علی الظماء، و الدال علی الهدی، و المنجی من الردی. الإمام النار علی الیفاع، الحار لمن اصطلی به والدلیل فی المهالك، من فارقه فهالك. الإمام السحاب الماطر، و الغیث الهاطل، و الشمس المضیئة، و السماء الظلیلة، و الأرض البسیطة و العین الغریزة، [13] و الغدیر و الروضة، الإمام الأنیس الرقیق، و الوالد الشفیق، و الأخ الشقیق، و الأم البرة بالولد الصغیر و مفزع العباد فی الداهیة النآد، [14] الإمام أمین الله فی خلقه، و حجته علی عباده و خلیفته فی بلاده و الداعی إلی الله و الذاب عن حرم الله.

الإمام المطهر من الذنوب و المبرأ عن العیوب، المخصوص بالعلم الموسوم بالحلم نظام الدین و عز المسلمین و غلیظ المنافقین، و بوار الكافرین، الإمام واحد دهره لایدانیه أحد و لایعادله عالم، و لایوجد منه بدل و لاله مثل و لانظیر، مخصوص بالفضل كله من غیر طلب منه له و لااكتساب، بل اختصاص من المفضل الوهاب.

فمن ذا الذی یبلغ معرفة الإمام أویمكنه اختیاره هیهات هیهات ضلت العقول،



[ صفحه 43]



و تاهت الحلوم، و حارت الألباب، و خسئت العیون و تصاغرت العظماء، و تحیرت الحكماء، و تقاصرت الحلماء، و حصرت الخطباء و جهلت الألباء، و كلت الشعراء و عجزت الأدباء، و عییت البلغاء عن وصف شأن من شأنه [شؤونه] ، أو فضیلة من فضائله، و أقرت بالعجز و التقصیر، و كیف یوصف بكله أو ینعت بكنهه أو یفهم شی ء من أمره، أو یوجد من یقوم مقامه و یغنی غناه.

لا، كیف و أنی؟ و هو بحیث النجم من یدالمتناولین، و وصف الواصفین، فأین الاختیار من هذا؟ و أین العقول عن هذا؟ و أین یوجد مثل هذا؟!

أتظنون أن ذلك یوجد فی غیر آل الرسول محمد صلی الله علیه و آله كذبتهم و الله أنفسهم و منتهم الأباطیل فارتقوا مرتقی صعبا دحضا تزل عنه إلی الحضیض أقدامهم، راموا إقامة الإمام بعقول حائرة بائرة ناقصة و آراء مضلة فلم یزدادوا منه إلا بعدا [قاتلهم الله أنی یؤفكون] [15] و القدراموا صعبا، و قالوا إفكا و ضلوا ضلالا بعیدا، و وقعوا فی الحیرة؛ إذ تركوا الإمام عن بصیرة «وزین لهم الشیطن أعمالهم فصدهم عن السبیل و كانوا مستبصرین». [16] .

رغبوا عن اختیار الله، و اختیار رسول الله صلی الله علیه و آله و أهل بیته إلی اختیارهم و القرآن ینادیهم: «و ربك یخلق ما یشاء و یختار ما كان لهم الخیرة سبحان الله و تعالی عما یشركون». [17] .

و قال عزوجل: «و ما كان لمؤمن و لامؤمنة إذا قضی الله و رسوله أمرا أن یكون لهم الخیرة من أمرهم»، [18] الآیة، و قال: «ما لكم كیف تحكمون - أم لكم كتاب فیه تدرسون - إن لكم فیه لما تخیرون - أم لكم أیمان علینا بالغة إلی یوم القیمة إن لكم لما تحكمون - سلهم أیهم بذلك زعیم - أم لهم شركاء فلیأتوا بشركائهم إن كانوا صادقین -»، [19] و قال عزوجل: «أفلا یتدبرون القران أم علی قلوب أقفالها»، [20] أم «طبع الله علی قلوبهم فهم لایفقهون»، [21] أم «قالوا سمعنا و هم لایسمعون - إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذین لایعقلون - و لو علم الله فیهم خیرا لأسمعهم و لو



[ صفحه 44]



أصسمعهم لتولوا و هم معرضون»، [22] أم «قالوا سمعنا و عصینا»، [23] بل هو «فضل الله یؤتیه من یشاء و الله ذوالفضل العظیم» [24] .

فكیف لهم باختیار الإمام؟ و الإمام عالم لایجهل، وراع لاینكل، معدن القدس و الطهارة و النسك و الزهادة، و العلم و العبادة، مخصوص بدعوة الرسول صلی الله علیه و آله، و نسل المطهرة البتول لامغمز فیه فی نسب، و لایدانیه ذوحسب، فی البیت من قریش، و الذروة من هاشم، و العترة من الرسول صلی الله علیه و آله، و الرضا من الله عزوجل شرف الأشراف، و الفرع من عبد مناف، نامی العلم كامل الحكم مضطلع بالإمامة عالم بالسیاسة مفروض الطاعة قائم بأمر الله عزوجل ناصح لعباد الله حافظ لدین الله.

إن الأنبیاء و الأئمة صلوات الله علیهم یوفقهم الله و یؤتیهم من مخزون علمه و حكمه ما لایؤتیه غیرهم فیكون علمهم فوق علم أهل الزمان فی قوله تعالی: «أفمن یهدی إلی الحق أحق أن یتبع أمن لایهدی إلا أن یهدی فمالكم كیف تحكمون» [25] و قوله تبارك و تعالی: «و من یؤت الحكمة فقد أوتی خیرا كثیرا»، [26] و قوله فی طالوت: «إن الله اصطفاه علیكم و زاده بسطة فی العلم و الجسم و الله یؤتی ملك من یشاء و الله واسع علیم» [27] و قال لنبیه صلی الله علیه و آله: «أنزل علیك الكتب و الحكمة و علمك ما لم تكن تعلم و كان فضل الله علیك عظیما» [28] .

و قال فی الأئمة من أهل بیت نبیه و عترته و ذریته صلوات الله علیهم: «أم یحسدون الناس علی ما آتهم الله من فضله فقد آتینا آل إبراهیم الكتب و الحكمة و آتیناهم ملكا عظیما - فمنهم من ءامن به و منهم من صدعنه و كفی بجنهم سعیرا» [29] و إن العبد إذا اختاره الله عزوجل لأمور عباده، شرح صدره لذلك، و أودع قلبه ینابیع الحكمة، و ألهمه العلم إلهاما، فلم یعی بعده بجواب، لایحیر [30] فیه عن الصواب، فهو معصوم مؤید موفق مسدد، قد أمن من الخطایا و الزلل و العثار، یخصه الله بذلك لیكون حجته علی عباده، و شاهده علی خلقه، و «ذلك فضل الله یؤتیه من یشاء و الله ذوالفضل



[ صفحه 45]



العظیم» [31] .

فهل یقدرون علی مثل هذا فیختارونه أویكون مختارهم بهذه الصفة فیقدمونه؟ تعدوا - و بیت الله - الحق و نبذوا كتاب الله و راء ظهورهم كأنهم لایعلمون، و فی كتاب الله الهدی و الشفاء فنبذوه و اتبعوا أهواءهم، فذمهم الله و مقتهم، و أتعسهم فقال جل و تعالی: «و أضل ممن اتبع هواه بغیر هدی من الله إن الله لایهدی القوم الظلمین». [32] و قال: «فتسعا و لهم و أضل أعمالهم»، [33] و قال: «كبر مقتا عندالله و عند الذین ءامنوا كذلك یطبع الله علی كل قلب متكبر جبار»، [34] و صلی الله علی النبی محمد و آله و سلم تسلیما كثیرا». [35] .

و قد جمع فیها أفضل الصفات التی لاتجتمع إلا فی الإمام المعصوم علیه السلام و لا بد من إفراد كتاب فیها لشرح هذه الروایة المباركة و لاتسعها هذه الوریقات و قد أخذنا منها بقدر ما یرتبط بالموضوع المبحوث كما أخذنا من سائر روایات أهل البیت علیهم السلام و الله عزوجل هو الموفق.



[ صفحه 46]




[1] ثم سرد الرواية.

[2] في مسجد جامعها نسخة العيون.

[3] فأدار الناس.

[4] الأنعام: 38.

[5] المائدة: 3.

[6] نسخة العيون «كافر».

[7] الإشادة: رفع الصوت بالشي ء. هامش الكافي 199:1.

[8] البقرة: 124.

[9] البقرة: 124.

[10] لأنبياء: 73 - 72.

[11] آل عمران: 68.

[12] الروم: 56.

[13] نسخة العيون «الغزيرة».

[14] و النآد كسحاب بمعناها (في) هامش الكافي 200:1.

[15] التوبة: 30.

[16] العنكبوت: 38.

[17] القصص: 68.

[18] الأحزاب: 36.

[19] القلم: 41 - 36.

[20] محمد: 24.

[21] التوبة: 87 «و طبع...».

[22] الأنفال: 23 - 21.

[23] البقرة: 93.

[24] الحديد: 21.

[25] يونس: 35.

[26] البقرة: 269.

[27] البقرة: 247.

[28] النساء: 113.

[29] النساء: 55 - 54.

[30] نسخة العيون «يحيد».

[31] الحديد: 21.

[32] القصص: 50.

[33] محمد: 8. و التعس: الهلاك.

[34] غافر: 35.

[35] أصول الكافي 203 - 198/1، عيون الأخبار 175 - 171/1.